بسم الله الرحمن الرحيم

مذهب أهل السنة والجماعة

بقلم المغفور له الشيخ على قدسى القنوى ـ تركية ـ

باللغة العربية

إن سيدنا الرسول الأعظم صلى الله تعالى عليه وسلم كان قد أخبرأن أمته ستفترق ثلاثا و سبعين فرقة وان كلهم في النار الا واحدة ،ولما سئل عن هذه الواحدة قال( هم على ما أنا عليه وأصحابي) وفسروا ذلك أنهم الذين يعتقدون ما كان يعتقده الرسول صلى الله تعالى عليه وسلم وأصحابه، وقد تحقق ذلك ووقع كما نصه العلماء في كتب الفقه والعقائد.

وعدد الفرق الاسلامية كماأنه منصوص في ثلاث وسبعين فرقة لايمكن أن يكون أكثرمن ذلك ،وأن يوجد عدد ينيف على هذ االعدد,فيكون محمولاعلى أنه يوجد بينهم بعض فرق جميع معتقداتهم داخل فى معتقدات بقيتهم فلايكون أكثر من ذلك العدد من حيث تخالف الاعتقاد .

وسميت الفرقة التى كانت على اعتقادنبينا صلى الله تعالى عليه وسلم وعلى آله وأصحابه،الفرقة الناجيةوأهل السنة والجماعة،والآخرأهل الاهواء وأصحاب البدع .

نعم أهل السنة: من كان على اعتقاد نبينا صلىالله تعالىعليه وسلم وأصحابه، والجماعة معطوفة على السنة التى فى تركيب أهل السنة اى و أهل الجماعة.

والمراد من الجماعة الأكثر ، والمراد بالأكثر هنا أكثر العلماء لأن هذا المحل محل العلم فمعناها: التابعون لما فهمه أكثر العلماء فى فهم اعتقاد النبي صلى الله تعالى عليه وسلم.

والعلماء قسمان: أحدهما من يقدر على استنباط الأحكام من الكتاب والسنة، ويسمونهم علماء الدين والأئمة المجتهدين.

والآخر من يقدر على ضبط أقوال المجتهدين ونقلها وفهم معناها فقط وهم التابعون لهم، ويسمونهم علماء المذاهب وحينئذ ينظر اولا فيما قاله المجتهدون لفهم اعتقاد النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه ، ويتبع ما قاله جميع المجتهدين إن كانوا متفقين فيما قالوا، ويتبع ما قاله أكثر المجتهدين ان كانوا مختلفين فيه.

فأهل السنة والجماعة : هم الذين يتبعون اعتقاد نبينا صلى الله تعالى عليه وسلم وأصحابه ،وفى فهم ذلك الاعتقاد يتبعون ما فهمه أكثر المجتهدين ولفهمها يتبعون ما فهمه أكثر علماء المذاهب من كلام المجتهدين .

ويقال للأكثر(جمهور) ولذلك تستعمل كلمة (جمهور العلماء)بدلا من كلمة (أكثر العلماء).

إان أكثرية العلماء عند الاختلاف فى حكم الاتفاق الذي كان حجة قاطعة في اصابة الحق تبعا للقاعدة الاصولية (ان للأكثر حكم الكل).

فـلـذلك وجب علينا دينا أن نعـتـقد اصابة الحق في الأكثرية عند وقوع الاختلاف بين العلماء،وهذا هو المسلك للوصول إلى الحق حسب القواعد التي قررها ديننا.

أما أهل الأهواء وأهل البدع : فهم الذين يدينون بدين الإسلام ولكنهم قد افترقوا عن جمهور العلماء وخالفوهم فى بعض المسائل الإعتقادية فلم يفهموها كما فهمها الجمهور بل فسروها وفقا لآرائهم وتبعا لأفكارهم، وهؤلاء ينسبون جميع معتقداتهم للدين الإسلامي ولذلك هم أهل القبلة ،كما أن أهل السنة والجماعة أهل القبلة فإن أهل القبلة:هم الذين ينسبون إلى الدين الإسلامي جميع معتقداتهم سواء كانت صحيحة أم باطلة أما نسبة هؤلاء الطوائف جميع معتقداتهم للدين الإسلامي فإنها تفهم من تعظيمهم لمعتقداتهم باسم الدين الإسلامي بينهم رجالا ونساء كبارا وصغارا مع تفاوتهم فى العقول مهما تعاقبت العصور وتقلبت البطون ، وهذا أقوى دليل على نسبة معتقداتهم لدين الإسلام ، ولهذا لم يسبق أن عالما من علماء أهل السنة والجماعة قال إن هؤلاء الطوائف ليسوا من أهل القبلة,وعلى هذا فهؤلاء أهل القبلة أيضا كأهل السنة والجماعة ،ولا فرق بينهم إلا ذلك الخلاف باعتبار المسلك وهو عدم اتباعهم لجمهور العلماء ولذلك قيل إن من اتبع جمهور العلماء فى جميع المسائل الإعتقادية بلا استثناء هو أهل السنة والجماعة و إن من خالف الجمهور ولوفى مسألة هم أهل الأهواء وأهل البدع ،هكذا عرفوا أهل الأهواء في كتبنا قال في مجمع الانهر في بحث الشهادة:(وهم من أهل القبلة الذين معتقدهم غير معتقد أهل السنة في بعض الأمور) وفي الطحطاوى في بحث الشهادة قال :(أهل الأهواء من زاغ عن طريقة أهل السنة والجماعة وكان من أهل القبلة ).

وقال أيضا:(وأهل الأهواء ليسوا بطـا ئفة ْبـعينهـأ بل يطلق على من خالف السنة بتأويل فاسد).